هل ستعتبرون الشعب الجنوبي بلاطجة يوم 21 فبراير !؟
د . عبيد البري
لا يختلف اثنان في أن الحراك الجنوبي السلمي الذي يعمل على أرض تقع تحت نفوذ وسيطرة سلطة بكل إمكاناتها العسكرية والمالية والاستخباراتية والإعلامية ، لم ولن يسلم من حملات مضادة من قبل تلك السلطة ، ولكن لأن الثورة التي يقودها الحراك ، قد اتخذت النضال السلمي وسيلة ، فقد استطاع الحراك أن يشل أدوات القمع العسكرية التي بدأت بالقتل والاعتقالات للمتظاهرين وقيادة الحراك في السنوات الماضية ، فأزداد الفعل الثوري اتساعاً وترسخاً مع استخدام أدوات القمع والعنف ضد الشعب الجنوبي الذي أختار أن يتخذ من دم الشهداء في ميادين التظاهرات السلمية أقوى من أي سلاح فتاك . وعندما وجدت السلطة العسكرية اليمنية أنها غير قادرة على إفشال الحراك الشعبي الجنوبي السلمي بالقوة العسكرية ، لجأت إلى اختراق قيادة الحراك - وهذا ما حصل عام 2009م - من أجل أن تسمي الحراك بـ "الحراك القاعدي" ، وعملت على دس عناصر لحضور فعاليات الحراك ومدتهم بالسلاح للتهديد باستخدامه أو للقيام بأعمال قتل أو تقطع للطرقات من أجل اتخاذ مسميات أخرى مثل " الحراك المسلح " ، أو " قطاعين الطرق " . ومن هنا ، لا نستغرب هجوم وسائل الإعلام والشخصيات السياسية ( الإصلاحية ) على شباب الحراك الجنوبي ، بعد إحراق مخيم ( الإصلاح ) في كريتر الذي اتضح فيما بعد أن حاميها حراميها ، وأن ما حصل كان نية مبيته لغرض التشويه بالحراك السلمي .. وعلمنا كذلك عن عملية خطف !! .. ولكن عملية الخطف هذه ، كانت أسوا ما في ذلك السيناريو المرسوم ، حيث أن الخاطف أو المخطوف ، أو كليهما ، لا بد من أن يصير في يوم ما ، مكشوف .. ولأن عناصر الحراك تعودوا أن يكونوا مخطـوفين على مدى أكثر من 5 سنين ، ولا يملكون وسائل ومهارات الخطف أو أي وسيلة بلطجية ، فإن تهمة "بلاطجة الحراك" ، التي أطلقوها على شباب الحراك مردودة على أصحابها . فهل يمكن لعنصر في الحراك يحمل قضية كبرى أن يميل نحو أي سلوك قد يسيء لقضيته !؟ . وما من شك في أن اختيار الحراك الجنوبي طريق النضال السلمي لا يعني أبداً بأنه محاصر بنصوص دستورية وقانونية محلية أو دولية ، يسمح له فقط التعبير عن مواقفه وأهدافه الوطنية من خلال المهرجانات والتظاهرات والندوات والاجتماعات وغيرها من الوسائل التي يفترض أن تجد تجاوباً داخلياً وخارجياً ، في ظروف غير تلك التي يمر بها اليمن حالياً ، باعتبار أن الحراك يتبنى قضية شعب ووطن يجب أن تعترف به القوى السياسية في اليمن قبل القوى الإقليمية والدولية ، بل أن أوضاع استثنائية قد تــُفـرض على الحراك ، فيجد نفسه مضطراً للتصرف وفقاً لمطلب الشعب الجنوبي نفسه صاحب القضية . ولعل أهم قضية مصيرية هامة وخطيرة نتوقع أن يتجاوز فيها الشعب الجنوبي قدرات الحراك وتنظيمه ، هي القضية المفروضة عليه بانتخاب رئيس لليمن في 21 فبراير الجاري ، للالتفاف على القضية الجنوبية وجعل العملية مجرد استفتاء على الوضع القائم منذ عام 94م ، فالشعب يدرك تماماً أن مقاطعتها لا تكفي ، بل لا بد من منعها ، وربما يستخدم وسائل غير سلمية قد لا توافق عليها قوى الحراك .. وعندها هل ستـتهم السلطة كل الشعب الجنوبي بالبلطجة !؟ .